ربما نفسنا البشرية بطبيعتها تغضب ....وتنفّس عن غضبها بطرق شتى ......
نغضب للحق .....وربما نغضب للباطل .....نغضب لمجرد الغضب ..... ولمجرد اننا نريد أن ننفّس عما في صدرنا من ملل أحيانا" وربما حزن .....وربما فراغ ...الخ
نغضب ان هددت مصالحنا ، .....(بحق أو بباطل ) ....نغضب ان قصّر أحد بحقنا ...نغضب ان أهملت أعمالنا .....
نغضب ان تحاورنا ......واختلفت وجهات نظرنا .....فندخل في حرب كلامية ومشادات ....وربما على أرض الواقع الى مصارعات وربما أحيانا" حوادث ضرب وقتل ....
نغضب ونتأفف من طفل لو بكى أو شكى ....نغضب من امرأة ان ثرثرت ...ومن مسنّ ان طلب الكثير .....
نغضب ...ونغضب ....ونغضب ......!! هذا في يومياتنا .....
وأما فيما نراه على الشاشات .....
نغضب ونثور وتخرج المظاهرات لتؤيد طفل يقتل برصاصة لأنه رمى الحجر ..... لنندد بمحاصرة شعب كامل ، وبقتل الرجال واغتصاب النساء والشباب .....نخرج ألوفا" مؤلّفة .....نصرخ ونتظاهر .....ونحرق الأعلام والدمى .....ونخرب ونكسّر ..........نفور ...نفور .....ونفور .....ومن ثم .....هدوءوتخامد ..........نعود لبيتنا نأكل اكلنا ....ونشرب شرابنا ....ونتابع سنوات الضياع .....وربما باقي نشرات الأخبار ....
احصائيات مخيفة عن قتل وابادة المسلمين في كل مكان ، وحروب صليبة وبوذية وغيرها تحيط بنا ....استهزاء بنا ومن ثم اهانة كتاب الله قرآننا ومن ثم سخرية من نبينا ......نثور ونثور ونتظاهر ....يعلو الصياح .....كالعادة مظاهرات .... مظاهرات ..ينظر اليها أصحاب السمو والجلالة والفخامة من وراء النوافذ السوداء .....يراقبون ....يتشاورون .....يجتمعون ....ينددون ....يستنكرون ........وبعدها نعود الى الركض وراء الرغيف وذرة الطحين .....ويستمر الحصار ، ويستمر القتل ..ويستمر الدمار ....بانتظار التالي ......!!
ماذا أريد من كل هذه الهلوسات ؟؟!!
لقد اعتدنا أن نثور ونغضب ..واعتدنا أن لانجد أذن صاغية فالأمور هي هي فكما أن اصحاب الحق الذين نثور لأجلهم في فلسطين والعراق وفي كل مكان يجاهدون ولكنهم يختصمون ويتفرقون ....ويتقاتلون ....فاننا ايضا" ربما يحتاج أهل الحق أن يدافعوا ويبينوا قضيتهم ....يحتاجون الى أن يطلقوا أسلحتهم الفكرية والقتالية وأن يبينوا رأيهم ، أن يدعموا من ناصرهم بالحجج والبراهين ...يحتاجون الى خلع رداء الغرور ....والنزول الى الساحات ....يحتاجون الى المقاومة والصمود لاالتقهقر والتراجع ......كيف أشعر بذاك الطفل ان لم تخبرني العدسة كيف قتلت أمه وهي تحضنه ...وكيف أدافع عن تلك المرأة ان لم اسمع صوت استغاثتها ......وكيف أعرف ان ذاك الشاب قد بتر طرفه بطلقة طائشة ان لم يتكلم ...؟؟؟وكيف وكيف وكيف ؟؟؟
ولكن .....لحظة !!
يراودني سؤال مهم هنا ....ياترى هل صرخاتهم يمكن أن تصل في مجتمع أطرش
هل يستطيع العالم الأعور ان يرى آلامهم وتعذيبهم ....!!
هل نستطيع أن نتكلم في مجتمع أبكم ....!!
هل نستطع أن ننجز ونرد الحقوق في مجتمع يفكّر ولكن لايعمل ....!!
لهذا أصدقائي قررت ان غضبت .....أن أصمت ....!!